أي العمل أفضل ؟!
قال أبو ذر - رضي الله عنه - : يا رسول الله ؟ أي العمل أفضل ؟
قال : " إيمان بالله ، وجهاد في سبيل الله " .
قلت : فأي الرقاب أفضل ؟
قال : " أعلاها ثمنا ، و أنفسها عند أهلها " .
قلت : أفرأيت إن لم أفعل ؟
قال : " فتعين ضائعا أو تصنع لأخرق " .
قلت : أفرأيت إن ضعفت ؟
قال : " تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك "
أخرجه البخاري ومسلم
الفوائد من الحديث :
1- فيه فضل الإيمان بالله ، وأنه عمل بل أفضل الأعمال خلافا لمن ظن أنه اعتقاد فحسب ، فالإيمان عند أهل السنة قول وعمل واعتقاد ، يزيد الطاعة ، وينقص بالمعصية .
2- وفيه فضل الجهاد في سبيل الله ، و أنه أيضا من أفضل الأعمال ، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال " دلني على عمل يعدل الجهاد ؟ قال : " لا أجده " قال : " هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم و لا تفتر ، وتصوم ولا تفطر ؟ قال : ومن يستطيع ذلك ؟
قال الحافظ : وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد في سبيل الله تقتضي أن لا يعدل الجهاد شيء من الأعمال .
ولكن يعكر على هذا ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : يا رسول الله ! أي العمل أفضل ؟ قال : الصلاة على ميقاتها . قلت ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال الجهاد في سبيل الله " أخرجه البخاري .
فجاء الجهاد بعد الصلاة و بر الوالدين في الفضل ، وما رواه أبو الدرداء مرفوعا : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب و الورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى ، قال : " ذكر الله " فظاهر هذا أن الذكر بمجرده أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد ، وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد و النفقة من النفع المتعدي .
قال الحافظ : " فالذي يظهر أن تقديم الصلاة على الجهاد و البر لكونها لازمة للمكلف في كل أحيانه ، وتقديم البر على الجهاد لتوقفه على إذن الأبوين ، وقال أيضا : فالحاصل أن الأجوبة اختلفت باختلاف أحوال السائلين .
3- وفيه فضل عتق الرقاب ، وأن الأجر على ذلك يتفاضل بتفاضل ثمنها ، وكذلك قيمتها ونفاستها عند أهلها ، فقد قال الله تعالى : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " سورة آل عمران .
4- وفيه فضل إعانة الضائع ، و الضائع هو ذو الضياع من فقر أو عيال أو دين أو مرض أو غير ذلك .
5- وفيه فضل تعليم الأخرق وهو من لا صنعة له ، ومساعدته في إجادة صنعة يتكسب منها .
6- وفيه أن الكف عن الشر داخل في فعل الإنسان وكسبه ، وهو بذلك يؤجر عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، بين أن ذلك صدقة يتصدق بها المرء عن نفسه .
7- وفي الحديث حسن المراجعة في السؤال ، وصبر المفتي والمعلم على التلميذ ورفقه به .
وفي الحديث إشارة إلى أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع ، لأن غير الصانع مظنة الإعانة فكل أحد يعينه غالبا ، بخلاف الصانع فإنه لشهرته بصنعته يغفل عن إعانته ، فهي من جنس الصدقة على المستور .
يارب .. نسألك أن تجعلنا من الذين يتبعون الحق ويرحمون الخلق .